بعيدا عن السياسة كنا إخوة

 كان الشعب الليبي لا يعرف ما يدور في بلده ، حتى تلك الأخبار المسربة من هنا وهناك من بعض المهتمين بهذا الشأن كانوا يهمسون بها خوفا من اعتقالهم واختفائهم كما حدث لكثيرين ، ولهذا كان المجتمع الليبي بيئة خصبة لانتشار الشائعات خصوصا تلك التي كانت تنشرها المخابرات الليبية عن قصد للتغطية على شيء ما كان يفعله القذافي.

     لم تكن الأخبار السياسية من اهتمامات الليبيين في السابق ، سواء أكانت الأخبار في بلادهم أو في بلدان أخرى ، ويرجع هذا للتعتيم الذي كان يفرضه القذافي على الأخبار سواء أكانت السياسية أو الاقتصادية أو غيرها ، حتى الأخبار الرياضية كانت تفلتر قبل أن تعرض على القناة الوحيدة الليبية.

     إلى أن جاءت سنة 2011 التي سميت بسنة الربيع العربي-الذي تحول فيما بعد إلى كابوس لم تصح منه الشعوب بعد-انتفضت الشعوب العربية ضد حكامها ، وتشجع الليبيون وانتفضوا ضد القذافي ، منذ ذلك الوقت أصبحت الأخبار هي الشغل الشاغل للمواطن الليبي ، في البداية كان يريد أن يعرف ماذا حدث في بلاده وما الذي سيحدث، ومع تطور الأحداث السريع والغريب في البلاد وجد المواطن الليبي نفسه مهتما بالسياسة دون أن يدري ، دون أن يفقه شيئا في هذه اللعبة ،دخلت عليه مصطلحات غريبة لم يعهدها من قبل ، ولا يعرف معناها ، ولأننا لم نعرف طيلة أربعين سنة غير الرجل الواحد والحاكم الواحد والزعيم الواحد والشخص والواحد والفكر الواحد ، لم نعرف معنى الاختلاف مطلقا ، الاختلاف الفكري أو السياسي أو الحزبي…الخ ، أصبحنا نخون بعضنا البعض فقط لأننا نختلف، أصبح الجار يبلغ عن جاره بسبب أنه “طحلوب أو جرذ” ، والأخ يقاطع أخاه بسبب أنه “علماني أو إخواني” ، صلة الرحم قطعت بسبب النقاشات الحادة التي تصل لدرجة الخلاف بسبب مواضيع لم نعهدها من قبل ولا نفقه فيها شيئا ، صداقة سنين أفسدت و بيوت هدمت بسبب السياسة ، السياسة التي أصبح الجميع يتحدث عنها ويدعي أنه خبير فيها.

2 thoughts on “بعيدا عن السياسة كنا إخوة

  1. تحليل في محله . ولذلك لا تُعطى الحرية لشعب جاهل . فالحرية أن يتحرر من جهله أولاً ، ولذلك خرج لدينا الكثير من المفتين في السياسة وهم لا يفرقون بين معنى بين كلمة برلمان وبرطمان ، او بين دستور وتستور .

اترك رداً على JOEY إلغاء الرد